كان ياما كان فى زمن من الأزمان
فى حضن شوارع مصر أحلى الأوطان
ولد صغير غلبان اسمه سُليمان
و شاءت الأقدار إن سُليمان يكون من الأيتام
بدون ماما و بابا و يعيش فى الشارع مع غيره من الصبيان
تحت كوبرى عربيات و جابوا كام خشبة عملوا بيها بيبان
سُليمان ..
كان يصحى الصبح يقول يـارب أرزقنى بناس جدعان
و أكون ليهم ابن و أعيش فى لمّة و سعادة و حنان
وفى وقت من الأوقات حس سُليمان إنه جعان
مفيش أكل هنا النهاردة و مفيش مياة كمان
ولا حتى معاة فلوس يجيب فول و بتنجان
قام سُليمان خرج يمشى فى الشوارع سرحان
لابس جلباب مقطع و ريحتة كريهة و لون وشة بهتان
لقى مكان مليان قمامة كتيير جداً فأقعد يفكر ..
لو كلت منها همرض و أموت و لو مكلتش برضو هموت
طب أروح للراجل بتاع عربية الفول و أسرق سندوتشات
لا أنا مش هسرق عشان ربنا هيزعل منى لان السرقة حرام
و مش هاكل من القمامة عشان أنا مش حيوان و كمان مبقاش عيان
اومال هتعمل إية يا سُليمان ؟
قام قال : أنا هقعد هنا أدعى ربنا
وفضل قاعد جنب القمامة وسط القطط و الكلاب و الذباب
وفجأة ظهر مجموعة كبيرة من الصبيان
كانوا رايحين عند صاحبهم عثمان
وهما ماشيين سمعوا صوت بكا عالى
فقرر واحد منهم يشوف مين الباكى ؟
قام الولد حسان شاف سُليمان
فنادى على أصحابة الصبيان
و سأل حسان سُليمان : مالك بتبكى لية و لية قاعد هنا ؟
و لما جه بقية أصحابة قعدوا يضحكوا على سُليمان و يسخروا منه
و يقولوا بضحك : شوفوا هو مُتسخ إزاى و مش نضيف و شكله شحات
و قرر الاولاد يسيبوة مكانه بعد ما فضلوا يسخروا منه
بكى بحُرقة وقتها و قال لـ حسان الطيب : " أنا ولد غلبان , أنا مش شحات , أنا بس جعان "
قام الولد الطيب حسان قاله : أنا هساعدك بس أستنانى هنا
وراح حسان عند عثمان يخبط ع الباب
فتحت والدته عثمان فحكى ليها حكاية سُليمان و سألها : أساعدة إزاى ؟
قامت والده عثمان قالتله خلينى أفكر هنتصرف إزاى ؟
وبعدها ندهت لأبنها عثمان و سألته : خلصت كل فطارك يا عثمان ؟
قال عثمان : خلصت يا ماما لكن فى سندوتشات مقدرتش أخلصها , أنا خلا شعبت الحمد لله
قامت قالتلة : لف السندوتشات الباقية فى ورقة نضيفة و هاتها
و قالت لـ حسان : بتلبس كل الهدوم اللى عندك فى الدولاب و لا فى حاجات زيادة مش عاوزها ؟
قال حسان : لا فى قمصان و حذاء مش محتاجها
فسألها الأولاد : حضرتك لية بتسألينا ؟
قالت الأم : عشان يا ولاد لما يكون فى حاجة مش محتاجنها مينفععش إننا نرميها أو نركنها و خلاص
مش يمكن فى ناس محتاجة ليها أكتر مننا و ناس تستحق مننا نساعدها بيها .. و ربنا أمرنا بالإحسان
قال حسان : يعنى قصدك نجمع حاجتنا و نساعد بيها سُليمان الغلبان ؟
قالت الأم : بالظبط كدة يا أولاد , عارفين ربنا هيفرح بينا جداً و يرزقنا و ناخد حسنات
فرح الأولاد جداً و أتمنوا من جواهم إن ربنا يفرح بيهم و يبعتلهم هدايا و يكتبلهم حسنات
قام حسان جرى ع البيت بسرعة يحضر حاجتة فى فى شنطة نضيفة جميلة ,
و كمان عثمان لف السندوتشات و طلع شوية ألعاب مبقاش محتاجها
و طلبت الأم منهم يجيبوا سُليمان البيت هنا .. و فعلا راحوا جابوة لحد عندها
لما شافت الأم سُليمان ألقت عليه التحية و السلام و قالت : " السلام عليكم يا سليمان , إزيك يا أحلى من كل الصبيان ؟ "
أستغرب سليمان إنه رغم شكله السيء المليان تراب إنها تشوفة جميل وفى نفس الوقت فرح جداً
وقالها : الحمد لله على كل حال
قامت قالت للأولاد : ساعدوا سُليمان ينضف نفسة و يبقى جميل و بعدها هادوة بالأشياء
سُليمان قال فى نفسه : شكراً ليك يا الله , أنا دعيت و أنتَ أستجبت الدعاء , و رزقتنى بناس طيبين و أصحاب
وكان سُليمان مُهذب جداً فى التعامل معاهم و بيتكلم بأسلوب محترم و بصوت منخفض
فسألة عثمان : أنتَ إزاى مؤدب كدة رغم إنك عايش فى الشارع مع الوحشين
فردت وقتها الأم وقالت : عيب يا عثمان , الإنسان الغلبان مش سىء و مش كل إنسان بيعيش مع الوحشين بيبقى زيهم ,
لأن كل أنسان بيختار إذا كان يبقى طيب أو شرير , و بيختار يكون مؤدب و لا عنيف , بيختار يكون ناجح و لا فاشل
و اللى بيختار الخير و النجاح و الأدب ربنا بيساعدة , ولو معندهوش أهل و فقدهم ربنا بيربية و يحمية عشان ربنا رحمن و كبير ,
و خرجت أم عثمان للصبيان فى الشارع اللى كانوا بيسخروا من سُليمان و عرفتهم إنه عيب يسخروا من إنسان مهما كان و إنه ضرورى نساعد كل محتاج و لو مش قادرين نساعدة يبقى نسأل حد يقدر زى أهلنا أو الجيران ,
و قررت أم عثمان يومها إنها تدخل سُليمان دار أيتام عند ناس طيبين و إنها كل فترة تزورة مع ابنها تطمئن عليه
و كانت تاخده فى الأعياد يخرج يلعب مع عثمان و حسان و أصحابهم ,
و أصبح سُليمان طفل سعيد مش غلبان
بل بالعكس برزق ربنا فرحان
: ))
..
نورهان محمود
نهايات سبتمبر 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق