بدايتاً أنا لا أهدف هُنا لأثبات حقائق , و لا أهدف لمقارنة
بين عقائد ,
إنما أعبر عن أفكارى الخاصة و بعض الإستنتاجات من وحى بعض القراءات التى رُبما يكون فهمى لها خطأ و رُبما صحيح .
إنما أعبر عن أفكارى الخاصة و بعض الإستنتاجات من وحى بعض القراءات التى رُبما يكون فهمى لها خطأ و رُبما صحيح .
قديماً فى العصور الوسطى فى ظل الإيمان بـ " تعدد الآلهه "
فى عهد ما
قيل عنهم إنهم " وثنين " نظراً لعبادتهم الحِجارة حيثُ ( الإله الواحد ) يعيش معهم على الأرض مُتجسداً فى
التماثيل دون أن يكشف عن نفسة وعن وجه الحقيقى بل و ينقسم على ذاته فى عِدة أجساد
لتماثيل فيكون تارة فاعل للخير و تارة فاعل للشر , و تارة مُسبب للداء و تارة أخرى
هو الشفاء , فيستدعون كل فاعل منه ( الله ) وفق إختصاصة اى ( تصورهم الذهنى عنه
) ليُخلصهم من فعلتهم البشرية التى تسببت فى الشقاء و الدمار
واياً كان , يستدعونة فى الضِيق و العُسر و يشكرونة عند الخلاص و اليسر .
أعرف ستقولون و لكنهم أعتقدوا بالفعل بوجود أن الله ليس واحد و إنما هناك
الكثير منه
حسناً وما الضرر فى أن ( يعتقدوا و يتصورا ) أن هناك أكثر من الله
واحد ؟
إذاً قم بإعادة ما كتبت فى السطور الأولى لتجد الجواب واضح ,
إنها مجرد تصورات , وهى تصورات طبيعية بديهية لما كان العلم قد وصل و ما كان العقل
البشرى يستطيع أن يُدرك , و لأنهم لم يتمكنوا وقتها من إستيعاب كيف لكل هذا الكون
أن يكون القائم عليه ( واحد فقط ) بل و ( وحدة ) , كيف تكون المتناقضات كما
تصوروها أن تكون صادرة عن ( واحد ) فقط , لم يتمكنوا من إستيعاب إنها ( تعدد ) و
إنه ( واحد قادر ) بلغة عصرنا الحالى ,
إذاً كما أرى لا مجال للقول هُنا بإنهم (
مُشكرين ) على الأقل فى نظرى , لأنهم بالفعل لم يشركوا بالله أحد و إنما لم يتمكنوا من إستيعاب و تصديق أن يكون هو الفاعل لكل تلك العظمة ,
ألم يحدث معك و أنت صغير أن وقفت لتتأمل السماء فـ بتلقائية فتحت فمك و أتسعت
عيناك من هول الدهشة وحين سألت من فعلها و رفعها فأخبروك إنه الله فلم تصدق ؟
إنك لم تصدق هذا وقتها هنا لا يعنى ( الإنكار ) و إنما عجز عقلك عن الاستيعاب ,
إنها تلك الدهشة الصادمة التى تظل بعدها قدراتك العقلية و مُخيلتك مُعطلة .
و ماذا عن النبى ( إبراهيم ) الذى تمرد على الأصنام ولم يصدق إنها الله ؟
فـ إتجة نحو خالق آخر كـ الشمس و النجوم ثم تمرد على عقلة و رفض عبادتها ثم ظل
يبحث و يتفكر حتى وصل و لم تكن رحلتة إلى الله بقصيرة , و أدرك بعد حين إن كل ما
كان يعبد يومً ما هو تجلى لله و ليس الله ذاته .
و من قال إن هؤلاء الوثنين لم يحاولوا فى وقتٍ ما تجاوز حدود تفكيرهم و التَفكُر
فى أبعد من تلك التصورات البديهية , و الدليل أن بعضهم بدأ بترك عبادة التماثيل
لأنه رفض أن يكون الله مجرد حَجر جامد لا قوة له ولا قدرة و قرر أن يرتقى بفِكرة و
تصورة ليرتفع بتصور الله من الأرض للسماء , و مضى الكثيرين للبحث عنه ,
فكانت ( المسيحية ) قد بدأت بالأنتشار قائمة على فِكرة ( الوحدانية ) و الانتقال
من
( الإله المُتعدد ) لـ ( الإله الواحد ) و تعارك الفريقين ليُثبت كُلاً منهما
إنه الأسمى و إنه على صواب ,
رغم أن معاركهم جميعاً كانت محض وهم لإنها
لا تهدف إلى مَنحى ( دينى ) و إنما إلى مَنحى ( تصور عقلى ) بل وزاد عليها إمتلاك ( السلطة ) الدنيوية على الآخرين و الهيمنة , و غطت الدماء
الارض بأسم ( الله ) الذى هو برىء من كل هذا و ذاك , كما فعل اليهود أيضاً
و هُنا كانت تصورات المسيحين لا تختلف كثيراً عن تصورات الوثنين فى الأعتقاد , كيف
؟
قبل أن أقول كيف هذا , ينبغى أن تلاحظ إننى هُنا لا أتحدث عن ( الديانة المسيحية )
او ( الوثنية ) و إنما أتحدث من البداية إلى النهاية عن إعتقاد ( الأشخاص التابعين للمسيحية ) و (
الاشخاص التابعين للوثنية ) فليست الديانة ذاتها بجوهرها هى المُتدينين الذين يتبعونها ,
المهم لنُجيب على السؤال ,
و أقول إن تصوارتهم لـ ذات الإله واحدة بمعنى إن المسيحين فى البداية ( أعتقدوا )
بأن ( عيسى المسيح ) هو ( المُجسد لذات الله ) على الأرض حيثُ كان له أن يعرف ما
يعرف الله و ينطق بلسان الله بل و كان يشفى كل المرضى من جميع الامراض , حيثُ جاء إليهم بـ ( الانجيل ) وهو ( التبشير ) من
الله , ثم تغير فكرهم و أعتقدوا إنه ( ابن الله )
كما ذُكر فى انجيل متى و انجيل لوقا ومن هنا كان لـ عيسى نفس ذات قداسة الله , وكان قول عيسى المسيح يُطاع لأنه قول
الله , إذاً الله هنا فى تصورهم الفعلى
ليس واحد و إنما مُنقسم على ذاته بين الذى فى السموات العُليا لا يُرى و
الذى هو بقداستة على الأرض بين البشر, فأصبح عيسى ( معبود ) و ليس مثلهم عابد
للمعبود له قداستة الخاصة , حتى بعد مماتة و إلى الآن ,
فألا ينطوى ذالك على نوع من ( الشرك بالله ) أو مُخالفة القاعدة الإيمانية ( لم
يلد و لم يولد ) ؟
الأجابة متروكة لعقولكم ,
أما أنا أرى أن المسيحين يفعلون مع عيسى
ما فعل الوثنين مع الاصنام و إن أختلفت الصور و الطريقة المهم أن نهج التفكير واحد
, أعلم أن المسيحية و الفِكر المسيحى فى العقل الجمعى قد تغير و أرتقى إلى حدٍ ما
وأن تعدد التصورات تختلف بتعدد المذاهب وأن هُناك من يؤمن أن عيسى هو ( نبى الله )
و ليس ( ابن الله ) وهناك من هو ثابت على إعتقادات القدماء ,
وفى كل الأحوال فأنا و عن واقع مُعاش ثَبت لىِّ أن بعض المسيحين كـ بعض المسلمين
هم أهل ( تقديس أشخاص ) حد ما يُقال عنه ( شِرك
بالله ) , و هم جميعاً يشتركون فى ذالك من حيثُ التصور و الإعتقاد العقلى و
الخيالى و إن أختلفت العقائد الدينية و المذاهب داخل كل ديانة ,
فهل يعنى هذا إنهم يخالفون جوهر ديانتهم
بالقول بـ ( وحدانية الله ) و إن هذا ينطوى على من ( الشرك بالله ) ؟
و لكن كيف ؟
ايضاً الإجابة متروكة لعقولكم ,
اما أنا أقول إنه إذا ذهبت إلى ( مسجد السيدة نفيسة ) أو ( مسجد الحسين ) ستجد أن
هُناك مئات الأشخاص المسلمين قادمون من مُختلف المحافظات ليقدموا الهدايا لهؤلاء
الاشخاص الموتى و يسألونهم أن يجيبوا دعائهم بالزواج و الخِلفة و النجاح و
الانتقام لهم من فلان و الرزق المادى ثم يطوفوا حول المقام و يلمسوة بنعومة
ليأخذوا البركة , !
و إذا حضرت ( المولد ) و لنقل ( مولد السيدة زينب ) وأنا أشاهدة بالفعل كل عام فى
شارعنا ستجد أن الجميع من المسلمين المتواجدين يفعلون ما يفعله هؤلاء مع مقام
السيدة النفيسة ولكن هناك إختلاف تلك المرة , فالناس جميعهم يلتفوا حول المدعو
(
الشيخ ) ويسألونة البركة و الدعاء و الشفاء
!
هل تستطيع أن تخبرنى بماذا يعتقدوا بالفعل غير أن هؤلاء الاشخاص سواء الشيخ او
السيدة نفيسة قادرين بالفعل على الشفاء و منحهم الرزق و إستجابة الدعاء كـ الله ؟
لا تقل لىِّ إنهم قِلة قليلة من المسلمين , و إنهم جُهلاء فقراء بمعنى إنهم غير
مُتعلمين ,
لأنى سأخبرك إنى رأيت بعينى من هُم أغنياء جداً , و أعرف منهم من هُم على درجة
عالية جداً من العلم ,
لننتقل إلى ( الكنيسة ) إذا ذهبت إلى الكنيسة اياً كانت ستجد أن المسيحين بمجرد
دخولهم من الباب يبدأون بلمس و تقبيل تلك اللوحات لمن يطلقون عليهم ( شهداء
المسيحية ) اى الذين ماتوا فى سبيل نشر الديانة او الذين تمسكوا بدين المسيحية و
رفضوا ان لا يعتنقوها ومنهم ( القديسة باربار ) و ( مارجرجس ) , يفعلون ذالك لتحل
بهم البركة ثم يصلون ويسألونهم الشفاء و الخِلفة و الرزق و النجاح و منهم من
يكتبون دعاء خاص فى ورقة و يضعونة بجانب حوض الشموع , وقد رأيت أنا ذالك بعينى , و رأيت تلك المرأة التى ركعت على ركبتها أمام ( راهبة و
قديسة ) بالكنيسة بعد أن فقبلت يديها و راسها لتُباركها بالصليب ثم تسألها أن تجيب
لها الدعاء بإنجاب ذكر !
حتى هؤلاء الذين يدعون ( المُلحدين ) رغم إنكارهم لله و عدم الأعتراف بوجودة , فهم
يؤمنون بـ ( العقل ) و يعتقدون بقدراتة اللامحدودة لكنهم لا يستطيعوا القول بإن
العقل قد خلق نفسه أو خلقهم , و لا إنه وجد هكذا من عدم , فهم يمجدون العقل وفق تصورهم كإنه الإله الذى هو مِلك الله بالأساس , فما الله سوى
عقل العقل و مُحرك العقل .
ومن ثم
قد بلغت قداسة ( النبى مُحمد ) عند المسلمين
أقصاها ,
و بلغت قداسة ( النبى عيسى ) عند المسيحين أقصاها ,
و بلغت قداسة ( التماثيل ) عند الوثنين أقصاها ,
و بلغت قداسة ( العقل – هيباتيا ) عند المُلحدين أقصاها ,
بل و قد بلغت قداسة ( طُهّر العذراء مريم ) عند جميع نساء العالم ما يفوق مداها ,
و بلغت قداسة ( الصليب ) حد إنه دليل على مسيحيتك ,
و بلغت قداسة ( السِبحة ) حد إنها دليل على إسلامك ,
إذاً قُل لىِّ ما الفرق بين هؤلاء من المسلمين و هؤلاء من المسيحين و الوثنين و
المُلحدين الذين كانوا يسألون التماثيل أن تستجيب لهم الدعاء و تفعل لهم هذا و ذاك
؟
ولماذا هؤلاء , فلـ أسألك أنت :
ألم تدعو الله فى يوم أن يرزقك الصُحبة
الصالحة ؟
و فى يوم آخر دعوت الله أن ينتقم لك من صاحبك الذى سرقك ؟
فأنت فى المرة الأولى دعوت الله بتصورة كـ رازق يهبك فعل الخير ,
و فى المرة الثانية دعوت الله بتصورة كـ مُنتقم ينطوى على فعل شر ,
هُنا هل يمكنك القول بأن هذا ينطوى على تناقض ؟
هل يمكنك القول بأنك قد أستدعيت فى المرة الأولى إله خير , و المرة الثاينة إله شر
؟
بالطبع لا , كل ما فى الأمر هو ( تصور ) منك عن لله ,
لأنه إذا كان إجابتك على السؤال الاول بـ ( نعم ) فهذا يعنى إنك ( تنفى عن
الله تكاملة و كماله )
و إذا كانت إجابتك على السؤال الثانى بـ ( نعم ) فهذا يعنى إنك قد جعلت هناك (
شريك ) آخر لله
فالله ليس كـ مثله شىء , و له أسماء المُتعددة التى تتضمن صفات مُتعددة تبدو ( فى ظاهرها مُـتناقضة ) كـ الرحمن و
الجبار , و هى فى باطنها مُتعددة حد التكامل التام , و من ثم فهو الكامل الذى ليس
كـ مثله شىء ,
و بالتالى هذا يعنى إن ( تعدد الآلهه ) ليس إلا ( تصورات مُتعددة لـ ذات الإله
الواحد )
و أن الوثنين لو كانوا قادرين على الإدراك التام و إمتلاك الفكرة لكتبوها و عبروا
عنها كما حاولت أن أفعل , و لو كان البعض من المسلمين و المسيحين يُدرك ذالك لما فعلوا ما يفعلوا من تحقير
فِكر الآخرين و قتلهم بأسم الدين ,
ولعل من الواضح إننى لم أهدف لتبنى الدفاع
عن أحد أو الهجوم على آخر , إنما فقط عرض ما أزعُم إنى أدركتة و ما أفكر به , فـ لو
كان لنا فى بلادنا و بقناعة ذواتنا مساحة كافية من الحوار و التفاهم و إحترام
أفكار بعضنا البعض مهما عارضت مُعتقدتنا لكُنا مهما تعددت مذاهبنا الدينية و
الفكرية و السياسية أمة واحدة , يوحدنا الأختلاف و لا يقسمنا حد قتل بعضنا البعض
بل و أنفسنا بإسم هذا الوهم الذى يُدعى ( التدين الحق ) و الظن بإمتلاك معرفة
الدين و مقصد الله .
فى النهاية أقول :
الله واحد عند الجميع , يتعدد بتعدد التصورات فى جميع الأذهان ,
فلا أنت و لا أنا نبى لنُدرك ماهية ذات الله بالفعل , و يبقى آنـا من روح الله ,
فتَصور بعقلك البشرى و فِكرك المحدود ما تشاء من تصور و كُن مُختلف , كأن تتأمل
السماء و الكون و تتوهم إنك قد عرفت ما بها و من ثم أنت قادر على تصور ما وراءها
فلا تعرف , فتأمل تأمل و حاول أن تتحد بروحك مع السماء و يبقى الله مُجرد من كل
تصور و خارج الآفاق .
,,
انتهى
,,
نورهان محمود
,,
بدايات مايو 2013
,,
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق