السبت، 4 مايو 2013

تصور الآلهه المُتعددة لـ ذات الإله الواحد ,






بدايتاً أنا لا أهدف هُنا لأثبات حقائق , و لا أهدف لمقارنة بين عقائد ,
 إنما أعبر عن أفكارى الخاصة و بعض الإستنتاجات من وحى بعض القراءات التى رُبما يكون فهمى لها خطأ و رُبما صحيح .

قديماً فى العصور الوسطى فى ظل الإيمان بـ " تعدد الآلهه " 

فى عهد ما قيل عنهم إنهم " وثنين " نظراً لعبادتهم الحِجارة حيثُ ( الإله الواحد ) يعيش معهم على الأرض مُتجسداً فى التماثيل دون أن يكشف عن نفسة وعن وجه الحقيقى بل و ينقسم على ذاته فى عِدة أجساد لتماثيل فيكون تارة فاعل للخير و تارة فاعل للشر , و تارة مُسبب للداء و تارة أخرى هو الشفاء , فيستدعون كل فاعل منه ( الله ) وفق إختصاصة اى ( تصورهم الذهنى عنه )  ليُخلصهم من  فعلتهم البشرية التى تسببت فى الشقاء و الدمار واياً كان , يستدعونة فى الضِيق و العُسر و يشكرونة عند الخلاص و اليسر .


أعرف ستقولون و لكنهم  أعتقدوا  بالفعل بوجود أن الله ليس واحد و إنما هناك الكثير منه 


حسناً وما الضرر فى أن ( يعتقدوا و يتصورا ) أن هناك أكثر من  الله  واحد  ؟



إذاً قم بإعادة ما كتبت فى السطور الأولى لتجد الجواب واضح ,


إنها مجرد تصورات , وهى تصورات طبيعية بديهية لما كان العلم قد وصل و ما كان العقل البشرى يستطيع أن يُدرك , و لأنهم لم يتمكنوا وقتها من إستيعاب كيف لكل هذا الكون أن يكون القائم عليه ( واحد فقط ) بل و ( وحدة ) , كيف تكون المتناقضات كما تصوروها أن تكون صادرة عن ( واحد ) فقط , لم يتمكنوا من إستيعاب إنها ( تعدد ) و إنه ( واحد قادر ) بلغة عصرنا الحالى ,

إذاً  كما أرى لا مجال للقول هُنا بإنهم ( مُشكرين ) على الأقل فى نظرى , لأنهم بالفعل لم يشركوا بالله أحد و إنما لم يتمكنوا من إستيعاب و تصديق أن يكون هو الفاعل لكل تلك العظمة ,

ألم يحدث معك و أنت صغير أن وقفت لتتأمل السماء فـ بتلقائية فتحت فمك و أتسعت عيناك من هول الدهشة وحين سألت من فعلها و رفعها فأخبروك إنه الله فلم تصدق ؟

إنك لم تصدق هذا وقتها هنا لا يعنى ( الإنكار ) و إنما عجز عقلك عن الاستيعاب ,
إنها تلك الدهشة الصادمة التى تظل بعدها قدراتك العقلية و مُخيلتك مُعطلة .

و ماذا عن النبى ( إبراهيم ) الذى تمرد على الأصنام ولم يصدق إنها الله  ؟
فـ إتجة نحو خالق آخر كـ الشمس و النجوم ثم تمرد على عقلة و رفض عبادتها ثم ظل يبحث و يتفكر حتى وصل و لم تكن رحلتة إلى الله بقصيرة , و أدرك بعد حين إن كل ما كان يعبد يومً ما هو تجلى لله و ليس الله ذاته .

و من قال إن هؤلاء الوثنين لم يحاولوا فى وقتٍ ما تجاوز حدود تفكيرهم و التَفكُر فى أبعد من تلك التصورات البديهية , و الدليل أن بعضهم بدأ بترك عبادة التماثيل لأنه رفض أن يكون الله مجرد حَجر جامد لا قوة له ولا قدرة و قرر أن يرتقى بفِكرة و تصورة ليرتفع بتصور الله من الأرض للسماء , و مضى الكثيرين للبحث عنه ,

فكانت ( المسيحية ) قد بدأت بالأنتشار قائمة على فِكرة ( الوحدانية ) و الانتقال من

 ( الإله المُتعدد ) لـ ( الإله الواحد ) و تعارك الفريقين ليُثبت كُلاً منهما إنه الأسمى و إنه على صواب , 

رغم أن معاركهم جميعاً  كانت محض وهم لإنها لا تهدف إلى مَنحى ( دينى ) و إنما إلى مَنحى ( تصور عقلى  ) بل وزاد عليها إمتلاك ( السلطة ) الدنيوية على الآخرين و الهيمنة , و غطت الدماء الارض بأسم ( الله ) الذى هو برىء من كل هذا و ذاك , كما فعل اليهود أيضاً

و هُنا كانت تصورات المسيحين لا تختلف كثيراً عن تصورات الوثنين فى الأعتقاد , كيف ؟

قبل أن أقول كيف هذا , ينبغى أن تلاحظ إننى هُنا لا أتحدث عن ( الديانة المسيحية ) او ( الوثنية ) و إنما أتحدث من البداية إلى النهاية عن إعتقاد ( الأشخاص التابعين للمسيحية ) و ( الاشخاص التابعين للوثنية ) فليست الديانة ذاتها بجوهرها هى المُتدينين الذين يتبعونها ,

المهم لنُجيب على السؤال , 
و أقول إن تصوارتهم لـ ذات الإله واحدة بمعنى إن المسيحين فى البداية ( أعتقدوا ) بأن ( عيسى المسيح ) هو ( المُجسد لذات الله ) على الأرض حيثُ كان له أن يعرف ما يعرف الله و ينطق بلسان الله بل و كان يشفى كل المرضى من جميع الامراض , حيثُ  جاء إليهم بـ ( الانجيل ) وهو ( التبشير ) من الله , ثم تغير فكرهم و أعتقدوا إنه ( ابن الله )  كما ذُكر فى انجيل متى و انجيل لوقا ومن هنا كان لـ عيسى نفس ذات قداسة الله , وكان قول عيسى المسيح يُطاع لأنه قول الله , إذاً الله هنا فى تصورهم الفعلى  ليس واحد و إنما مُنقسم على ذاته بين الذى فى السموات العُليا لا يُرى و الذى هو بقداستة على الأرض بين البشر, فأصبح عيسى ( معبود ) و ليس مثلهم عابد للمعبود له قداستة الخاصة , حتى بعد مماتة و إلى الآن , 

فألا ينطوى ذالك على نوع من ( الشرك بالله ) أو مُخالفة القاعدة الإيمانية ( لم يلد و لم يولد ) ؟

الأجابة متروكة لعقولكم ,

 أما أنا أرى أن المسيحين يفعلون مع عيسى ما فعل الوثنين مع الاصنام و إن أختلفت الصور و الطريقة المهم أن نهج التفكير واحد , أعلم أن المسيحية و الفِكر المسيحى فى العقل الجمعى قد تغير و أرتقى إلى حدٍ ما وأن تعدد التصورات تختلف بتعدد المذاهب وأن هُناك من يؤمن أن عيسى هو ( نبى الله ) و ليس ( ابن الله ) وهناك من هو ثابت على إعتقادات القدماء ,

وفى كل الأحوال فأنا و عن واقع مُعاش ثَبت لىِّ أن بعض المسيحين كـ بعض المسلمين هم أهل ( تقديس أشخاص ) حد ما يُقال عنه  ( شِرك بالله ) , و هم جميعاً يشتركون فى ذالك من حيثُ التصور و الإعتقاد العقلى و الخيالى و إن أختلفت العقائد الدينية و المذاهب داخل كل ديانة ,

 فهل يعنى هذا إنهم يخالفون جوهر ديانتهم بالقول بـ ( وحدانية الله ) و إن هذا ينطوى على من ( الشرك بالله ) ؟
و لكن كيف ؟

ايضاً الإجابة متروكة لعقولكم , 

اما أنا أقول إنه إذا ذهبت إلى ( مسجد السيدة نفيسة ) أو ( مسجد الحسين ) ستجد أن هُناك مئات الأشخاص المسلمين قادمون من مُختلف المحافظات ليقدموا الهدايا لهؤلاء الاشخاص الموتى و يسألونهم أن يجيبوا دعائهم بالزواج و الخِلفة و النجاح و الانتقام لهم من فلان و الرزق المادى ثم يطوفوا حول المقام و يلمسوة بنعومة ليأخذوا البركة , !


و إذا حضرت ( المولد ) و لنقل ( مولد السيدة زينب ) وأنا أشاهدة بالفعل كل عام فى شارعنا ستجد أن الجميع من المسلمين المتواجدين يفعلون ما يفعله هؤلاء مع مقام السيدة النفيسة ولكن هناك إختلاف تلك المرة , فالناس جميعهم يلتفوا حول المدعو

 ( الشيخ ) ويسألونة البركة و الدعاء و الشفاء  !

هل تستطيع أن تخبرنى بماذا يعتقدوا بالفعل غير أن هؤلاء الاشخاص سواء الشيخ او السيدة نفيسة قادرين بالفعل على الشفاء و منحهم الرزق و إستجابة الدعاء كـ الله ؟

لا تقل لىِّ إنهم قِلة قليلة من المسلمين , و إنهم جُهلاء فقراء بمعنى إنهم غير مُتعلمين ,
لأنى سأخبرك إنى رأيت بعينى من هُم أغنياء جداً , و أعرف منهم من هُم على درجة عالية جداً من العلم ,

لننتقل إلى ( الكنيسة ) إذا ذهبت إلى الكنيسة اياً كانت ستجد أن المسيحين بمجرد دخولهم من الباب يبدأون بلمس و تقبيل تلك اللوحات لمن يطلقون عليهم ( شهداء المسيحية ) اى الذين ماتوا فى سبيل نشر الديانة او الذين تمسكوا بدين المسيحية و رفضوا ان لا يعتنقوها ومنهم ( القديسة باربار ) و ( مارجرجس ) , يفعلون ذالك لتحل بهم البركة ثم يصلون ويسألونهم الشفاء و الخِلفة و الرزق و النجاح و منهم من يكتبون دعاء خاص فى ورقة و يضعونة بجانب حوض الشموع , وقد رأيت أنا ذالك بعينى , و رأيت تلك المرأة التى ركعت على ركبتها أمام ( راهبة و قديسة ) بالكنيسة بعد أن فقبلت يديها و راسها لتُباركها بالصليب ثم تسألها أن تجيب لها الدعاء بإنجاب ذكر !

حتى هؤلاء الذين يدعون ( المُلحدين ) رغم إنكارهم لله و عدم الأعتراف بوجودة , فهم يؤمنون بـ ( العقل ) و يعتقدون بقدراتة اللامحدودة لكنهم لا يستطيعوا القول بإن العقل قد خلق نفسه أو خلقهم , و لا إنه وجد هكذا من عدم , فهم يمجدون العقل وفق تصورهم كإنه الإله الذى هو مِلك الله بالأساس , فما الله سوى عقل العقل و مُحرك العقل .

ومن ثم
 قد بلغت قداسة ( النبى مُحمد ) عند المسلمين أقصاها , 
و بلغت قداسة ( النبى عيسى ) عند المسيحين أقصاها ,
و بلغت قداسة ( التماثيل ) عند الوثنين أقصاها ,
و بلغت قداسة ( العقل – هيباتيا ) عند المُلحدين أقصاها ,
بل و قد بلغت قداسة ( طُهّر العذراء مريم ) عند جميع نساء العالم ما يفوق مداها ,
و بلغت قداسة ( الصليب ) حد إنه دليل على مسيحيتك ,
و بلغت قداسة ( السِبحة ) حد إنها دليل على إسلامك ,

إذاً قُل لىِّ ما الفرق بين هؤلاء من المسلمين و هؤلاء من المسيحين و الوثنين و المُلحدين الذين كانوا يسألون التماثيل أن تستجيب لهم الدعاء و تفعل لهم هذا و ذاك ؟

ولماذا هؤلاء , فلـ أسألك أنت :

ألم تدعو  الله فى يوم أن يرزقك الصُحبة الصالحة ؟
و فى يوم آخر دعوت الله أن ينتقم لك من صاحبك الذى سرقك ؟

فأنت فى المرة الأولى دعوت الله بتصورة كـ رازق يهبك فعل الخير ,
و فى المرة الثانية دعوت الله بتصورة كـ مُنتقم ينطوى على فعل شر ,

هُنا هل يمكنك القول بأن هذا ينطوى على تناقض ؟
هل يمكنك القول بأنك قد أستدعيت فى المرة الأولى إله خير , و المرة الثاينة إله شر ؟

بالطبع لا , كل ما فى الأمر هو ( تصور ) منك عن لله ,
لأنه إذا كان إجابتك على السؤال الاول بـ ( نعم ) فهذا يعنى إنك ( تنفى عن الله  تكاملة و كماله ) 
و إذا كانت إجابتك على السؤال الثانى بـ ( نعم ) فهذا يعنى إنك قد جعلت هناك ( شريك ) آخر لله 

فالله ليس كـ مثله شىء , و له أسماء المُتعددة التى تتضمن صفات مُتعددة  تبدو ( فى ظاهرها مُـتناقضة ) كـ الرحمن و الجبار , و هى فى باطنها مُتعددة حد التكامل التام , و من ثم فهو الكامل الذى ليس كـ مثله شىء ,

و بالتالى هذا يعنى إن ( تعدد الآلهه ) ليس إلا ( تصورات مُتعددة لـ ذات الإله الواحد )
و أن الوثنين لو كانوا قادرين على الإدراك التام و إمتلاك الفكرة لكتبوها و عبروا عنها كما حاولت أن أفعل , و لو كان البعض من المسلمين و المسيحين يُدرك ذالك لما فعلوا ما يفعلوا من تحقير فِكر الآخرين و قتلهم بأسم الدين ,

ولعل من الواضح إننى  لم أهدف لتبنى الدفاع عن أحد أو الهجوم على آخر , إنما فقط عرض ما أزعُم إنى أدركتة و ما أفكر به , فـ لو كان لنا فى بلادنا و بقناعة ذواتنا مساحة كافية من الحوار و التفاهم و إحترام أفكار بعضنا البعض مهما عارضت مُعتقدتنا لكُنا مهما تعددت مذاهبنا الدينية و الفكرية و السياسية أمة واحدة , يوحدنا الأختلاف و لا يقسمنا حد قتل بعضنا البعض بل و أنفسنا بإسم هذا الوهم الذى يُدعى ( التدين الحق ) و الظن بإمتلاك معرفة الدين و مقصد الله .

فى النهاية أقول :
الله واحد عند الجميع , يتعدد بتعدد التصورات فى جميع الأذهان , 
فلا أنت و لا أنا نبى لنُدرك ماهية ذات الله بالفعل , و يبقى آنـا من روح الله ,
فتَصور بعقلك البشرى و فِكرك المحدود ما تشاء من تصور و كُن مُختلف , كأن تتأمل السماء و الكون و تتوهم إنك قد عرفت ما بها و من ثم أنت قادر على تصور ما وراءها فلا تعرف , فتأمل تأمل و حاول أن تتحد بروحك مع السماء و يبقى الله مُجرد من كل تصور و خارج الآفاق .

,,

انتهى 

,,

نورهان محمود 

,,

بدايات مايو 2013 
,,


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق