السبت، 27 أبريل 2013

طُهّر ,




* طهر =  بَرَّأَهُ ونزَّهَه من العيوب وغيرها حد النقاء .
..

تقف أمام المرآة تتأملها بدقة بالغة لم تحدث من قبل , 
ترى ذاتها و كأنها المرة الأولى التى تلتقى بها مُنذ زمن !

تتعمق فى الرؤية حد إمكانية رؤية دواخلها بوضوح تام ,
تندهش فتغوص و تغوص بباطنها محاولة إيجاد جوهرها ,

تصل لـ مرحلة ما لا أستطيع فيها الرؤية فقد تشابك كل شىء حد التعقيد 
وهناك أشياء تذوى كلما أقتربت منها حيثُ لا ضوء ولا صوت و لا شىء ! 

تتمركز وسط الدائرة دون إرادتها حتى تُغلق عليها تمامً 
ترى الأسود من الأشياء و بعض الوميض وكأنها صارت عمياء !

تلتوى بإِنحناءة خفيفة ثم تنكسر , تنظر أسفلها فتجد إنعكاس صورتها 
تبحث عن روحها فتجدها مُعلقة ما بينها و بينها !

تمد يدها محاولة الحصول على طرف الدائرة حتى تُمزقها 
تُفتش عن البياض و المساحات الخضراء بدواخلها ,

الدائرة مُحكمة الغلق تمامً , غير قابلة للكسر !

تنزعج , تتمرد , تصرخ , تقاوم , تخدش ثم تخدش
حتى حدث كَسر يحتاج لمزيد من الإرادة فتتمكن من الخروج ..
تخرج بالفعل و تتنزعها من عليها و تلقى بها جانبها ,
تقف بجانب ذاتها تُقارن بعين قَلبها و روحها ,
تتركها أمام المرآة و تذهب بها لتجلب رداءها الأبيض

تنتزع الأسود من هُناك و تنتزع كل ما بها من سواد هُنا
ثم ترتدى البياض الشفاف حد الطُـهـر الذى يَليقُ بها ,

تُقلب عينيها بين ذاتها هُناك و هُنا 
فتجد إن واحدة منهم لا تشبهها , و الآخرى تعرف عنها كل شىء و لا تُدركها !
..

هل بالفعل يجب أن تختار بينهما , أم تظل قابعة بواحدة و تترك الآخرى , أم تُركب بينهما , أم تختار ثالثة ؟

تذهب بوسط الحجرة حيثُ النافذة و تفتحها فيدخل نور النور و يحاصرها ,
يلامس وجهها أشعة الشمس و ذرات الهواء المُنعشة , شىء ما يحدث بداخلها ,
تتلاشى عَتمة ذاتها , و ترى نقطة النور بعَين قلبها حد النورانية التامة ,

تذهب إلي التى تركتها أمام المرآة و تدفعها نحو النور بعنوة لكنها تأبى ! 
فـ هل للنور أن يُعانق الظلمة و يتوحد معها ؟

تصارعها و تحاول الهرب منها , فكيف لها بعد كل هذا أن تواجهها و تنكشف لها ,
تترك يد يدها و تختبىء خلفها محاول التوحد بدواخلها , فترفض الآخرى و تدفعها عنها ,

بينما الطـهـر و القذارة يتدافعان معاً نحوهما , ولأنها تُتقن التمييز بينهما تهرول لتنهض بها 
و تقاوم إختبئها بشدة حتى تأخذ بها إلى طـهـر مهما رفضت و بالغت فى مقاومتها ,

يبقى الصارع بينهما قائم و تخشى أحدهما أن تنتصر عليها الآخرى ,فكلٌ يريد فقط ما يستهوى ,
 ولكن لأن أحدهما تعرف إنها الصواب وإنها ينبغى أن للطهر تذهب ,
حتى تتوهج روحها و يشرق نور قلبها فيتثنى لها لقاء ربها بيضاء ,

..

تترد فى قتلها و تخشى أن تفعل ككل مرة و تطاوعها , تحتار جداً
وتخشى أن يسرقها الوقت فلا تقرر و لا تصل ولا يحدث شىء فتعود للدائرة ,

تنزع عنها يد يدها و تلقى برداءها الاسود فى المعبد ثم تشعل النار وتخرج 
فتتخلص منها إلى الأبد و لا تعود أبداً إليها , لن تتركها حيّة فتتسلل إليها كلما وجدتها تسقط 
فتسقط بها و تأخذها لتلقى بها أسفلها , هى لن تستلم لها ثانيتاً كما كانت دائمً تفعل .

وانتهت منها لـ تنهض فـ تكون لـ تحيا , 

هى الآن بالبياض الشفاف حد النورانية , تتوهج بعدما توحدت مع الطــهـر بذاتها .

وما الطـُـهر سوى حقيقة ذاتها التى أخفقت إدراكها من قبل , حتى تَكشفت لها الآن ,
هى حُرة الآن كـ فراشة تُحلق خارج الدائرة بعدما حطمتها و تركت ما كان بها يتحطم معها ,
وخرجت لتعلن وجودها وإنها مهما بلغت من القذارة سيبقى الطـهـر يَليقُ بها .

..

انتهى 

..

نورهان محمود

..

بدايات إبريل 2013

..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق