* طهر = بَرَّأَهُ
ونزَّهَه من العيوب وغيرها حد
النقاء .
..
تقف أمام المرآة تتأملها بدقة بالغة لم تحدث من قبل ,
ترى ذاتها و كأنها المرة الأولى التى تلتقى بها مُنذ زمن !
تتعمق فى الرؤية حد إمكانية رؤية دواخلها بوضوح تام ,
تندهش فتغوص و تغوص بباطنها محاولة إيجاد جوهرها ,
تصل لـ مرحلة ما لا أستطيع فيها الرؤية فقد تشابك كل شىء حد التعقيد
وهناك أشياء تذوى كلما أقتربت منها حيثُ لا ضوء ولا صوت و لا شىء !
تتمركز وسط الدائرة دون إرادتها حتى تُغلق عليها تمامً
ترى الأسود من الأشياء و بعض الوميض وكأنها صارت عمياء !
تلتوى بإِنحناءة خفيفة ثم تنكسر , تنظر أسفلها فتجد إنعكاس صورتها
تبحث عن روحها فتجدها مُعلقة ما بينها و بينها !
تمد يدها محاولة الحصول على طرف الدائرة حتى تُمزقها
تُفتش عن البياض و المساحات الخضراء بدواخلها ,
الدائرة مُحكمة الغلق تمامً , غير قابلة للكسر !
تنزعج , تتمرد , تصرخ , تقاوم , تخدش ثم تخدش
حتى حدث كَسر يحتاج لمزيد من الإرادة فتتمكن من الخروج ..
تخرج بالفعل و تتنزعها من عليها و تلقى بها جانبها ,
تقف بجانب ذاتها تُقارن بعين قَلبها و روحها ,
تتركها أمام المرآة و تذهب بها لتجلب رداءها الأبيض
تنتزع الأسود من هُناك و تنتزع كل ما بها من سواد هُنا
ثم ترتدى البياض الشفاف حد الطُـهـر الذى يَليقُ بها ,
تُقلب عينيها بين ذاتها هُناك و هُنا
فتجد إن واحدة منهم لا تشبهها , و الآخرى تعرف عنها كل شىء و لا تُدركها !
..
هل بالفعل يجب أن تختار بينهما , أم تظل قابعة بواحدة و تترك الآخرى , أم تُركب
بينهما , أم تختار ثالثة ؟
تذهب بوسط الحجرة حيثُ النافذة و تفتحها فيدخل نور النور و يحاصرها ,
يلامس وجهها أشعة الشمس و ذرات الهواء المُنعشة , شىء ما يحدث بداخلها ,
تتلاشى عَتمة ذاتها , و ترى نقطة النور بعَين قلبها حد النورانية التامة ,
تذهب إلي التى تركتها أمام المرآة و تدفعها نحو النور بعنوة لكنها تأبى !
فـ هل للنور أن يُعانق الظلمة و يتوحد معها ؟
تصارعها و تحاول الهرب منها , فكيف لها بعد كل هذا أن تواجهها و تنكشف لها ,
تترك يد يدها و تختبىء خلفها محاول التوحد بدواخلها , فترفض الآخرى و تدفعها عنها
,
بينما الطـهـر و القذارة يتدافعان معاً نحوهما , ولأنها تُتقن التمييز بينهما
تهرول لتنهض بها
و تقاوم إختبئها بشدة حتى تأخذ بها إلى طـهـر مهما رفضت و بالغت فى مقاومتها ,
يبقى الصارع بينهما قائم و تخشى أحدهما أن تنتصر عليها الآخرى ,فكلٌ يريد فقط ما
يستهوى ,
ولكن لأن أحدهما تعرف إنها الصواب وإنها
ينبغى أن للطهر تذهب ,
حتى تتوهج روحها و يشرق نور قلبها فيتثنى لها لقاء ربها بيضاء ,
..
تترد فى قتلها و تخشى أن تفعل ككل مرة و تطاوعها , تحتار جداً
وتخشى أن يسرقها الوقت فلا تقرر و لا تصل ولا يحدث شىء فتعود للدائرة ,
تنزع عنها يد يدها و تلقى برداءها الاسود فى المعبد ثم تشعل النار وتخرج
فتتخلص منها إلى الأبد و لا تعود أبداً إليها , لن تتركها حيّة فتتسلل إليها كلما
وجدتها تسقط
فتسقط بها و تأخذها لتلقى بها أسفلها , هى لن تستلم لها ثانيتاً كما كانت دائمً
تفعل .
وانتهت منها لـ تنهض فـ تكون لـ تحيا ,
هى الآن بالبياض الشفاف حد النورانية , تتوهج بعدما توحدت مع الطــهـر بذاتها .
وما الطـُـهر سوى حقيقة ذاتها التى أخفقت إدراكها من قبل , حتى تَكشفت لها الآن ,
هى حُرة الآن كـ فراشة تُحلق خارج الدائرة بعدما حطمتها و تركت ما كان بها يتحطم
معها ,
وخرجت لتعلن وجودها وإنها مهما بلغت من القذارة سيبقى الطـهـر يَليقُ بها .
..
انتهى
..
نورهان محمود
..
بدايات إبريل 2013
..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق