الاثنين، 21 أبريل 2014

تِـيّـه سرمدِىّ





                                                ( 1 )

عندما تتوهم يوماً ما أنك تَعرفك  او رُبما عندما تضع لـ نفسك عُمر مُحدد حين تبلغة ستكون حتماً عَرفتك
لـ يمضى بكَ العُمر حيثُ حَددت فتجد أن معرفتك بذاتك سطحية تماماً تشبة معرفتك بـ عابر سبيل !

تُجرب اشياء كثيرة , تتجاوز ,
تكتشف فى ذاتك ما لم تكن تتوقع منها مُطلقاً وكأنك لستَ أنتَ !

تلهث شهوراً و سنين تَبحث عن شيء لا تعرفة رُبما حلم او هدف او هكذا ظننت  ,
شيئاً يشبهك او ع الاقل يجعلك مُخلتف عن الآخرين حولك فى مثل عُمرك كأن تصعد إلى أعلى الجبل
وأنتَ لا تعرف أين يقع الجبل بالاساس , ولكنك تحاول وتضحى وتغامر تاركاً ما هو لكَ لـ تبحث عما قررت أنتَ يكون لكَ ,
وحين تصل ترفع يديك عالياً تبكى من الفرح تُُردد لـ نفسك " لقد فعلتها " .

وما أن تبدأ بالنظر حولك تجد أنه لا أحد هُنا أو هُناك , تنظر فوقك تجد السماء ثم تنظر إلى أسفل فـ تجد كل شىء!

فـ تبدأ بالتفكير

 أين أنا  ؟ إلى ماذا وصلت فعلياً ؟

والسؤال الاهم
 من أنــا  ؟!

تجلس مُتنهداً , قلقاً , شاحباً , مخطوف الروح , مُشتت العقل , لا تعرف بماذا ينبغى أن تشعر الآن فـ تجدك
لا تشعر بشىء مُطلقاً !

تُفكر فى النزول من أعلى الجبل لـ العالم بـ الاسفل , تُراجع ذاك الطريق الذى جعلك تصل إلى هُنا ..

تُفكر فى أعوام قد مضت وأنتَ ما زلت قابع فيها ولم تستطع تجاوزها يوماً ,
وتقول لكَ ذاتك بشىء من السخرية " مرحباً أنتَ لم تفارق ماضيك يوماً ولم تشُكل حاضرك لـ مستقبل أفضل ,
بل شَكلت حَاضر أسوأ لـ ماضى قد فات , أنتَ لستَ أنتَ كما ينبغى أن تكون بل كما رَسمت لنفسك أن تكون "!

إنها تلك الفاجعة حين تواجهك ذاتك مما كُنت تهرب و تُعريك أمام نفسك ..

فـ تَنكمش على ذاتك تتكعور

تُقرر ألا تقرر
ألا تُفكر

تقطع كل حبل يصلك بشىء ما

تنقلب على ذاتك

تنفرد

تتَجرد

تسقط من أعلى الجبل .

..
    
( 2 )

تمضى أيام وأنتَ لا تدرى ما أنتَ !
جماد
حيوان
حجر
شبح
شيطان
او
كما يَدعى البعض انكَ " إنسان " ؟

  إنسان وما الانسان ؟

تتذكر أنك سَمعت يوماً إنه ذاك الكائن المكون من " روح – جسد – عقل – قلب "

تقف لـ تنظر فى المرآة فترى " جسد " تقترب من المرآة تحاول رؤية ما تبقى من تكوينك
تنظر إليك كـ نظرة طفل فى العام الاول من عمرة حين ينظر للمرآة لـ يكتشف ذاته كـ مظهر
ويسأل تلك الاسئلة الخفية فى باطنة : هل هذا أنا ؟\ كيف ؟\ و من أنا ؟

ويُجيب على ذاتة بـ إبتسامة خفيفة " على كل حال هذا أنا و رُبما عَرفت يوماً ما و من أنا " .

تدور ثم تدور فى هدوء فـ تشعر بـ " روح " تدور و " قلب " يخفق " و " عقل " يَربط بين الاشياء ..

من كَثرة الدوران تَسقط فـ تحتضنك و تدخل فى نوبة بكاء

تسأل ذاتك " أين و متى ضاعت منى أنا ؟ "

..

وحدك دائماً

فى
ماضيك
حاضرك

فكرك
إحساسك
عطائك

حلمك
طموحك

ظاهرك
باطنك

..

يقسو عليك الجميع

تلعن ذاتك

تُعاقبك

تَجلد نفسك حتى تتمزق

تتعذب

يصبح قلبك مثقوب ينبض وجع

تُدرك

يقينياً إنه لم يُضيعك سوى ذاتك .

تحزن

تشعر بـ الخذلان

تنقلب على ذاتك

تُقرر الهروب فـ تنام

تنام أياماً طوال

تدخل عالم مُنغلق يشبة الكَهف

تدخل فـ لا تخرج

تلعن الظلام

تقرر أن تنسحب
..

 ( 3 )

تستيقظ بعد مُدة ليست بـ قصيرة
تلعن الظلام , تلعن ذاتك
تبغض كل من حولك
تحاول البحث عن نقطة نور
تبحث عن ثغرة
تتمنى لو أنك تعود جنين فى رحم أمك .

..

تبدأ بـ التفكير
فـ تتذكر أن عقلك هذا هو سبب مَتاعبك
أحبة الجميع و عَظمة حتى بات نقمتك

تقف لـ تتذمر
تُقرر أنك لن تكون
تختار بكل إرادتك طريق مُغاير تماماً لما كنت عليه قبل السقوط
فـ تختار السقوط ذاتة !

تتعجب منكَ
فـ تقول  لـ نفسك " السقوط بداية نهوض "
تحاول النهوض
تمضى الايام
تزداد فَشل
توهان
يَبغُضك من حولك
لا يحدثك أحد ولا تُحدث أحد
فـ تنقلب على ذاتك
فـ تنحنى
فـ تسقط
..  
وتستمر اللعُبة
..

تُعجبك اللُعبة

فـ تُكررها

لعَّلك تصل
ولا تصل

..
(4)

فى النهار ,,

تُجرب أن تُغير فـ تبدأ باستعمال حواسك تلك التى كانت مُعطلة
تَفتح عينيك لـ ترى ذاك الضوء يقتحم عَتمة يومك
تستخدم قلبك لـ كى يُفكر
وتترك  عقلك يستشعر
تُزيل الغُبار الذى غَطى روحك
..
فى الليل ,,

تُغمض عينيك
ترفع يديك لـ السماء
تتنفس بـ هدووء تام
تُمتم ببعض الكلمات
تتخيل بأنك صعدت إلى هُناك
بجوار القمر تجلس
تتحدث إلى الملائكة
فـ تهمس لكَ أحدى الجنيات
" أنتَ روح طاهرة "
فـ تبدأ بـ الدوران الروحى
تطوف حول ذاتك آلاف المرات
تَرتفع و تَرتفع ثم بقلبك تبتسم
تلمسك تلك النسمات الباردة
فـ تستيقظ من حلمك فَرحاً

..

( 5 )

تعود للواقع

فـ تجد أنك قد حصلت على كل ما تمنيت يوماً
تلك الدراسة و المهنة التى رغبت بها

تجدك فى وضع لم يحظى به من حولك

فـ تسأل نفسك " هل أنا سعيد بما حظيت "
فـ تقول بصدق " لا , هذا ليس لـِ أنا , لا مكان لـِ هُنا "!

لا أحد قريب منكَ ولا أنتَ قريب من أحد
خسرت أهلك يوماً بعد يوم
ذهب أحبائك من حولك
ويبقى صديق لم يغادرك يوماً
ولكنك لم تكن تشعر به ولم تهتم لأحد

تسترجع الايام بذاكرتك
فـ تعرف أن ما كان يشغلك مؤخراً قبل سقوطك هو :

" المادة  و  حب قد كان وانتهى "

شهيق ثم زفير وتنهيدة طويلة
تضع يديك على قلبك تشعر بتلك الصداقة النادرة
تلك اللحظات المُبهجة وأنتَ مع أخيك وأختك
تَلعب , تُعنى , تَرسم , تحلم , تُثرثر
تستشعر نجاح عَملك التطوعى
وتلك اللحظة حين يفتخر بكَ الاخرين و تفتخر أنتَ بأنك
قد قدمت يوماً على الارض جزء من رسالتك 

ثم

تُفكر أن حَبيبك هذا لم يعد موجود

تُفكر أن تلك المادة التى لطالما سعيت ورائها أغرتك
كـ شيطان سيطرتك على عقلك و أحرقت قلبك
أضاعت روحك ونسيت أن العاطى هو ربك

تحزن على نفسك , يؤنبك ضميرك
تَعرف أن سقوطك وكُل ما مضى من ضيق كان
" عقابك لـ ذاتك "

فـ هكذا نفعل حين ننقلب على ذاتنا
..

( 6 )

تُفكر
و

 تُفكر
فى وقت قد مضى هباء و مازال

فـ تكتشف

أن كل ما ظننت أنك تحبة هو ما كان يؤذيك
حتى ولو كان قطعة حلوى ,
وأنك لا تحب فعلياً ما تزعم حُبة
بل أخترت أن تُحبة لـ تكون فى عيونهم مُختلف !

وتتفاجأ
أن كل ما كَرهتة يوماً هو أحب الاشياء إلى نفسك الآن
كل ما رفضتة يوماً ما كان هو الافضل لكنك لم تشاء !
..
تجلس على الارض
تضم رجليك و تضع فى الوسط رأسك
تمد ذراعيك وتحتضنك
تغمض عينيك

تنكمش تماماً

تنظر داخل نفسك
عن تؤامك اللامرأى تبحث

ويستمر البحث
فـ تبحث

كيف ستمضى ؟ \ من أين تبدأ ؟

حقاً لا تدرى !
وحين تسأل لا أحد يُجيب

تشعر بـ الفاجعة

تتوقف للحظة

تشعر بالفرحة

فـ أنتَ فى حال أفضل

أنتَ قد عَرفت :

ما أنتَ , أين , ما رسالتك , أخطائك التى مضت ولماذا ؟

ويبقى أن تَعرف

من أنتَ و ماذا تُريد ؟
كيف ستخطو فى الطريق ؟

ما حلمك ؟
ماذا تختار لـ يكون عملك ؟

كيف ستنهى ما أنتَ فيه ؟
كيف تتصالح مع ذاتك من جديد ؟

..

( 7 )

فـ تمسك بـ ورقة و قلم
تعبث بالكلمات و الرموز
لـ تَكتب و رُبما ترسم
رغم أنك لست لـ أياً منهما تُجيد
شمس و قمر
ونجوم تبتسم
سماء صافية
بحر واسع
أطفال تلهو

أنتَ هُناك
أحدهم يحتضنك
تلمع عينية بحبك
وطفل صغير يُغمغم

تأكل الحلوى
تشرب القهوة
تُقهقة كـ صغير
..
عَن تلكَ الحالة كُنت أتحدث
..
و هكذا ينبغى أن يكون
طريقك الجديد
حلمك السعيد

إلى أن تصل إليكَ
وتختار ما تريد

..

حين تصبح ضدك
وتَنقلب على ذاتك

تَذكر أن تتَجرد
تَجرد منك لـ تكون أنتَ ,

لا تُجبر نفسك على أن تكون كما أنتَ تُريد
فـ رُبما لم تعرفك بعد لـ تضع إطارات مُبالغ فيها
بل أترك نفسك تتشكل لـ تصبح كما ينبغى أن تكون.

تجاوز ماضيك ..
أصعد للسماء بروحك وأترك جَسدك بـ الارض
كُن على يقين أن النور بداخلك , وأنك روح طاهرة .
..

فى تلك الحالة هكذ ينبغى أن تفعل .

..

انتهى

نورهان محمود


هناك تعليق واحد:

  1. انا سعيد انى متابع لك واقرء هذه الكلمات الرائعه
    لديك ابداع فى الوصف

    لغة الجسد

    ردحذف