الجمعة، 27 سبتمبر 2013

حكاية سُليمان الغلبان




كان ياما كان فى زمن من الأزمان
فى حضن شوارع مصر أحلى الأوطان
ولد صغير غلبان اسمه سُليمان

و شاءت الأقدار إن سُليمان يكون من الأيتام
بدون ماما و بابا و يعيش فى الشارع مع غيره من الصبيان
تحت كوبرى عربيات و جابوا  كام خشبة عملوا بيها بيبان

سُليمان ..
كان يصحى الصبح يقول يـارب أرزقنى بناس جدعان
و أكون ليهم ابن و أعيش فى لمّة و سعادة و حنان

وفى وقت من الأوقات حس سُليمان إنه جعان
مفيش أكل هنا  النهاردة و مفيش مياة كمان
ولا حتى معاة فلوس يجيب فول و بتنجان

قام سُليمان خرج يمشى فى الشوارع سرحان
لابس جلباب مقطع و ريحتة كريهة  و لون وشة بهتان

لقى مكان مليان قمامة كتيير جداً فأقعد يفكر ..
لو كلت منها همرض و أموت و لو مكلتش برضو هموت
طب أروح للراجل بتاع عربية الفول و أسرق سندوتشات

لا أنا مش هسرق عشان ربنا هيزعل منى لان السرقة حرام
و مش هاكل من القمامة عشان أنا مش حيوان و كمان مبقاش عيان

اومال هتعمل إية يا سُليمان ؟

قام قال : أنا هقعد هنا أدعى ربنا
وفضل قاعد جنب القمامة وسط القطط و الكلاب و الذباب

وفجأة ظهر مجموعة  كبيرة من الصبيان
كانوا رايحين عند صاحبهم عثمان

وهما ماشيين سمعوا صوت بكا عالى
فقرر واحد منهم يشوف مين الباكى ؟

قام الولد حسان شاف سُليمان
فنادى على أصحابة الصبيان

و سأل حسان سُليمان : مالك بتبكى لية و لية قاعد هنا ؟
و لما جه بقية أصحابة قعدوا يضحكوا على سُليمان و يسخروا منه
و يقولوا بضحك : شوفوا هو مُتسخ إزاى و مش نضيف و شكله شحات
و قرر الاولاد يسيبوة مكانه بعد ما فضلوا يسخروا منه

بكى بحُرقة وقتها و قال لـ حسان الطيب :  " أنا ولد غلبان , أنا مش شحات , أنا بس جعان "

قام الولد الطيب حسان قاله : أنا هساعدك بس أستنانى هنا

وراح حسان عند عثمان يخبط ع الباب
فتحت والدته عثمان فحكى ليها حكاية سُليمان و سألها : أساعدة إزاى ؟

قامت والده عثمان قالتله خلينى أفكر هنتصرف إزاى ؟

وبعدها ندهت لأبنها عثمان و سألته : خلصت كل فطارك يا عثمان ؟
قال عثمان : خلصت يا ماما لكن فى سندوتشات مقدرتش أخلصها , أنا خلا شعبت الحمد لله

قامت قالتلة : لف السندوتشات الباقية فى ورقة نضيفة و هاتها

و قالت لـ حسان : بتلبس كل الهدوم اللى عندك فى الدولاب و لا فى حاجات زيادة مش عاوزها ؟

قال حسان : لا فى قمصان و حذاء مش محتاجها

فسألها الأولاد : حضرتك لية بتسألينا ؟
قالت الأم : عشان يا ولاد لما يكون فى حاجة مش محتاجنها مينفععش إننا نرميها أو نركنها و خلاص
مش يمكن فى ناس محتاجة ليها أكتر مننا و ناس تستحق مننا نساعدها بيها .. و ربنا أمرنا بالإحسان

قال حسان : يعنى قصدك نجمع حاجتنا و نساعد بيها سُليمان الغلبان ؟

قالت الأم : بالظبط كدة يا أولاد , عارفين ربنا هيفرح بينا جداً و يرزقنا و ناخد حسنات

فرح الأولاد جداً و أتمنوا من جواهم إن ربنا يفرح بيهم و يبعتلهم هدايا و يكتبلهم حسنات

قام حسان جرى ع البيت بسرعة يحضر حاجتة فى فى شنطة نضيفة جميلة ,
و كمان عثمان لف السندوتشات و طلع شوية ألعاب مبقاش محتاجها

و طلبت الأم منهم يجيبوا سُليمان البيت هنا .. و فعلا راحوا جابوة لحد عندها

لما شافت الأم سُليمان ألقت عليه التحية و السلام و قالت : " السلام عليكم يا سليمان , إزيك يا أحلى من كل الصبيان ؟ "

أستغرب سليمان إنه رغم شكله السيء المليان تراب إنها تشوفة جميل وفى نفس الوقت فرح جداً

وقالها : الحمد لله على كل حال

قامت قالت للأولاد : ساعدوا سُليمان ينضف نفسة و يبقى جميل و بعدها هادوة بالأشياء

سُليمان قال فى نفسه : شكراً ليك يا الله , أنا دعيت و أنتَ أستجبت الدعاء , و رزقتنى بناس طيبين و أصحاب

وكان سُليمان مُهذب جداً فى التعامل معاهم و بيتكلم بأسلوب محترم و بصوت منخفض

فسألة عثمان : أنتَ إزاى مؤدب كدة رغم إنك عايش فى الشارع مع الوحشين

فردت وقتها الأم وقالت : عيب يا عثمان , الإنسان الغلبان مش سىء و مش كل إنسان بيعيش مع الوحشين بيبقى زيهم ,
لأن كل أنسان بيختار إذا كان يبقى طيب أو شرير ,  و بيختار يكون مؤدب و لا عنيف , بيختار يكون ناجح و لا فاشل
و اللى بيختار الخير و النجاح و الأدب ربنا بيساعدة , ولو معندهوش أهل و فقدهم ربنا بيربية و يحمية عشان ربنا رحمن و كبير ,


و خرجت أم عثمان للصبيان فى الشارع اللى كانوا بيسخروا من سُليمان و عرفتهم إنه عيب يسخروا من إنسان مهما كان و إنه ضرورى نساعد كل محتاج و لو مش قادرين نساعدة يبقى نسأل حد يقدر زى أهلنا أو الجيران ,

و قررت أم عثمان يومها إنها تدخل سُليمان دار أيتام عند ناس طيبين و إنها كل فترة تزورة مع ابنها تطمئن عليه
و كانت تاخده فى الأعياد يخرج يلعب مع عثمان و حسان و أصحابهم ,

و أصبح سُليمان طفل سعيد مش غلبان
بل بالعكس برزق ربنا فرحان

: ))
..

نورهان محمود

نهايات سبتمبر 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق